تقديم

يسر لجنة ضبط المهنة في نقابة الأطباء الاردنية ان تصدر دليلاً يحتوي الكثير مما يحتاجه الطبيب عند ممارسته للطبابة، ولكي لا تحرفه او تزوغ به مستجدات الحياة...

ولعله يفيد المواطن او طالب العلم للتعرف والاقتراب اكثر من مهنة الطب والقائمين عليها، وان ما وصل اليه العلم في علوم الطب والحياة وما يحمله المستقبل من مذهلات في جوانب كثيرة تمس الانسان ان هي الا طوارق رهيبة تحتاج لقوة توجهها للصواب وتعصم القائمين عليها من الانحراف.

وارتأت لجنة ضبط المهنة وبتوجيه كريم من مجلس النقابة وضع دليل يضبط سلوك الزملاء الشخصي والمهني وحرصاً على اجيالنا القادمة من الانحراف عن النهج القويم لاعمار هذا الكوكب بعد ان اهتزت المفاهيم الاخلاقية والاعراف الاجتماعية والتراث السلوكي للانسانية بسبب الكشوف الحديثة في علوم الطب مما يدخل في علم الوراثة والتكاثر البشري وتخليق كائنات محدثة واستنباط للعقاقير وهندسة جينية واستنساخ وزراعة للاعضاء والخلايا الجذعية والاخصاب وتحديد جنس المولود وما الى ذلك...

ونحن في لجنة ضبط المهنة لا ندعي اننا واضعوا هذا الدليل بل نحن جامعوه ونعتقد جازمين ان الحياة يستلزمها شرطان الاول الديمومة والاستمرارية والثاني التطور ولهذا سيعقب هذا الدليل كلما دعت الحاجة دليل آخر.

رئيس لجنة ضبط المهنة

 

تعقيب

الطب مهنة انسانية علمية قديمة لها أهميتها ومكانتها وهي مهنة نبيلـة وعظيمـة لا بد لمن يمارسها كمهنة ان يتقيد بتقاليدها المتعارف عليها عالمياً، وان يبذل جهده بدون اهمال او تقصير لمساعدة المريض على الشفاء. وحتى يبقى الطب في المستوى العلمي المطلوب لا بد له من مواصلة التعليم المستمر للاطلاع على آخر المستجدات العلمية في حقل اختصاصه ولتقديم خدمة افضل لمرضاه.

ان هذا الجهد الذي بذلته لجنة ضبط المهنة يأتي في سياق ضبط المهنة ومتابعة الالتزام بالمعايير الطبية الصحيحة حماية للمهنة وقدسيتها، وحماية للمريض وحقوقه في الحصول على افضل طريق للمعالجة.

ويتضمن هذا الدليل المبادئ الاساسية للدستور الطبي الاردني الذي يضع خارطة متكاملة للطبيب وصفاته وعلاقته بالمرضى، وأعضاء المهن الطبية الأخرى، ويحدد المبادئ الأساسية للمسؤولية الطبية ويوضح حق المجتمع على الطبيب.

هذه بداية نتمنى ان تتبعها خطوات اخرى ليبقى الطبيب في الاردن رائداً في المنطقة كلها وليبقى الاردن موئلاً لاخوتنا العرب جميعاً طلباً للاستشفاء والمعالجة، وأشكر اللجنة على مبادرتها الرائدة، وأتمنى لنقابتنا المزيد من التقدم والنجاح.

نقيب الأطباء

 
المهنة الطبية

الطبابة مهنة انسانية وأخلاقية وعلمية قديمة قدم الانسان من اجل المحافظة على النفس البشرية، وتقوم على بذل العناية وعدم الاهمال وليس ضمان الشفاء وتستهدف مصلحة المريض المطلقة، وهي علم كسائر العلوم ودراستها كشف عن آيات الله في خلقه وممارستها احداث لرحمة الله بعباده حيث كانت الطبابة معجزة سيدنا المسيح عليه السلام ومن نعم الله على سيدنا ابراهيم الخليل "واذا مرضت فهو يشفين" ودعوة محمد صلى الله عليه وسلم في قوله "تداووا عباد الله فان الله جعل لكل داء دواء".

والدولة ملزمة بتقديم وتأمين الخدمات الصحية لمواطنيها في شتى المجالات بدون عقبات مالية او ادارية وعليها القيام بكل ما يلزم للحفاظ على حياة وصحة مواطنيها.

ان مهنة الطب تعطي الطبيب استثناءً للاطلاع على جسم الانسان ودراسته ظاهراً وباطناً حياً أو ميتاً وعليه واجب المحافظة على كرامة المريض وعلى شعوره وعلى حياته وعورته مما يلقي على الطبيب المزيد من المسؤولية والواجب.

 
صفات الطبيب

على الطبيب ان يتمتع بكل صفات الخير والعفة والصدق والكمال والايثار وهو يذود عن الحياة ويعمل جاهداً لاستبقائها صحيحة سوية ما وسعه الجهد وان يكون قدوة في رعاية صحته والقيام بحق بدنه صادقاً ان قال او شهد. ومع علمه ان الضرورات تبيح المحظورات، عليه ان لا يعالج المرضى بما حرمه الله عليهم ما استطاع الى ذلك سبيلاً وان يكون متواضعاً وان يبذل جهده للاستزادة من العلم، فالاستزادة من العلم بجانب اهميتها التطبيقية حق للمريض وهي عبادة في حد ذاتها. ولا يجوز له ممارسة المهنة في أمكنة غير معدة اعداداً مهنياً لائقاً او استخدام ألقاب لم يحصل عليها قانونياً ومعترفاً بها وان يحترم حرية المريض في اختيار طبيبه المعالج.

على الطبيب عدم استعمال منصبه لغايات مهنية او للحصول على كسب مادي وعليه الابتعاد عن الدعاية الرخيصة والغش والتدليس على المريض وان لا يتبع اساليب تسف بمهنته او الكتابة في الصحف والمجلات او استعمال اية وسيلة اخرى للنشر بأسلوب يفهم منه الدعاية الشخصية او يسيء الى المهنة او الى حقوق الزمالة الطبية والمهن الطبية الاخرى والامتناع عن اقامة علاقات تقوم على السمسرة او المكافأة الطبية مع اي من زملائه او مع المؤسسات الطبية او مؤسسات المهن الطبية الأخرى.

ويحظر عليه بيع العينات الطبية وعدم السماح باستخدام اسمه في ترويج الادوية والعقاقير ومختلف انواع العلاج وعدم اعارة اسمه لاغراض تجارية او القبول بوصف ادوية او اجهزة معينة مقابل اجر، او مكافأة. وعليه تجنب المزاحمة الغير مشروعة وحماية الدجالين ويحظر عليه القيام بأي عمل او تقديم نصيحة من شأنها اضعاف مقاومة الاشخاص الجسدية او العقلية الا في الحالات التي يقتضيها العلاج الطبي كالتخدير مثلاً ولا يجوز له الامتناع عن تقديم واجبه الطبي في الحالات الطارئة.

 
علاقات الأطباء

الاطباء فرقة من الناس يمتهنون نفس المهنة وهي مهنة انسانية مقدسة ونبيلة تستدعي ان تتخذ فيما بينها من النظم والوسائل والاسباب والاعراف ما يُمكن لافرادها جماعة ومنفردين ان يقوموا برسالتهم على خير وجه.

الاطباء متكافلون فيما بينهم على رعاية وصحة المريض يتكاملون بتنوع اختصاصاتهم فمن فريق في الوقاية الى آخر في العلاج ومن فريق في القطاع العام الى آخر في القطاع الخاص يلتزم الجميع بآداب وتكاليف مهنة الطب.

الطبيب اخٌ للطبيب وزميلٌ يوقر حضرته ويحفظ غيبته يلتزم بعونه ونصحه كلما دعت الحاجة، لا يمسه منه ما يكره الا حيثما قضت شريعة الله بآداء للشهادة او منع لجريمة.

الطبيب للطبيب جمعٌ واضافة وتعاون على صالح المريض تظل المعلومات ضمن الدائرة الطبية ولا تعدوها الى سواها والاستشارة عند الضرورة واجبة وعلى المستشار ان يؤدي واجبه بما كان وما يكون والطبيب سخي بحصيلة علمه وخبرته وتجربته على من هم دونه من الزملاء لما في ذلك من وفاء وحق للمريض واثراء للمهنة على تعاقب الاجيال.

ويحظر على الطبيب استدراج مرضى الاخرين اليه سواءٌ كان ذلك مباشرة او بالواسطة كما لا يقبل منه السكوت عمن يقوم بذلك لمصلحته وبعلمه ويجوز له استقبال اي مريض في عيادته دون التزام نحو اي طبيب اخر سبق له ان عالجهم وعليه ان يقترح الاستشارة الطبية من اخرين اذا تطلبت حالة المريض اجراء تلك الاستشارة او اذا طلب المريض او اهله اجراءها ومن ناحية مبدئية يلتقي بكل طبيب مسجل في سجل النقابة ان لم تكن لديه اسباب هامة تبرر عدم القبول، وان رأى ان لا ضرورة للاستشارة بامكانه الانسحاب من المعالجة دون الزامه بتفسير ذلك، كما ان من حقه الانسحاب ان لم يتفق مع المستشار فيما ذهب اليه من رأي وعلاج طيلة مدة علاجه تلك، ولا يجوز تضخيم الامور امام المريض بل تقليل ردة الفعل الى الحد الادنى الا في حالات الخطأ الطبي الجسيم فيقدم شكوى الى النقابة، والمستشار لا يعود لزيارة المريض الا بعلم الطبيب المعالج وموافقته، ويتم تداول حالة المريض بين الزملاء بمعزل عنه وعن ذويه ولا يجوز ان يتصل اي طبيب بالمريض في مشفى خاص او عام علاجي الا بموافقة الطبيب المعالج او من ينوب عنه.

الاطباء متكافلون فيما بينهم في الحياة ومع افراد اسرهم بعد الممات وهذا جزء من عمل نقابة الأطباء الاردنية بصناديقها المختلفة.

 
مسؤولية الطبيب

لا يمارس الطبابة الا الطبيب المعتبر بحكم الانظمة السارية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من تطبب ولا يُعلم منه طب فهو ضامن) وبتعدد الاختصاصات الطبية تحال المشكلات الطبية حسب الاختصاص والطبيب مطالب بالاخلاص في عمله والاجتهاد ببذل الجهد والرعاية غير مهمل في عمله عمداً او سهواً يأخذ بأصول الفن والصنعة ، وقبول المريض له طبيباً اقرار مبدئي بقبول العلاج الذي يصفه لأن الطبيب يصبح وكيلاً للمريض في جسمه وعلى الطبيب ان يوثق اجراءته وان يوثق كتابياً قبول المريض لاي اجراء جراحي سيقوم به ويكون هذا بعد شرح وتوضيح للحالة المرضية والاسلوب الامثل للحل بكلام واضح ومفهوم وفي حالة الرفض من قبل المريض فعلى الطبيب ان ينصح له وان يثبت هذا الرفض بالكتابة او بالاشهاد او بتوقيع المريض وحسب ما يسمح به الموقف. وعلى الطبيب ان يمكن المريض من اختيار واعٍ وهادئ اما بالادوية في حالة الخوف الشديد والرعب او بالكلمة الهادئة الواعية الصابرة المحبة التي تبعث الثقة وتفسح باباً للامل، وان كان التدخل الجراحي ضرورة لانقاذ الحياة ولا يسمح الوقت التسويف او التأجيل فالضرورة تبيح المحظورات وعلى الطبيب ان يتدخل دون اعتبار للنتائج ما دام يقوم بما توجبه اصول المهنة وبأسلوب سليم.

مسؤولية الطبيب تقتضي الالتزام بالاتعاب والاجور الطبية المعتمدة من نقابة الأطباء والسارية المفعول ويحظر على الطبيب استيفاء اي اتعاب من الاطباء ويستحسن ان يعالج مجاناً عائلات زملائه الاطباء وطلاب الطب على ان المطالبة بأتعاب من هؤلاء لا يشكل مخالفة مسلكية، وللطبيب الحق في أدائه واجبه مجاناً في جميع الاوقات دون الاعلان عن تحديد اوقات معينة لذلك.

ومسؤولية الطبيب تحظر عليه المقاولة سواءٌ كان ذلك على اساس مدة المعالجة او نتيجتها ولانتفاء المسؤولية لا بد من امور اساسية:

أولاً: اذن الشارع بمزاولة المهنة.

ثانياً: رضاء المريض وموافقته.

ثالثاً: بذل الجهد وقصد الشفاء دون ضمانه.

رابعاً: عدم وقوع الخطأ الفاحش الذي لا تقره اصول المهنة والفن الصنعة والعلم.

 

علاقة الطبيب بالمريض

الطب وسيلة غايتها الشفاء ولهذا وجد الطبيب من اجل المريض وليس العكس والمريض مخدوم لان الطب خادم، لذا كانت القوانين والانظمة والتعليمات والاوقات والخدمات والجهود بوحي من صالح المريض وراحته وبما يعود عليه بالشفاء.

على الطبيب عند قبوله رعاية المريض ان يبذل كل جهد وطاقته لتقديم العناية والعطف والاخلاص، وعلى الطبيب ان يحترم حرية المريض في اختيار طبيبه وان يحترم حرية زميله فيما يصفه للمريض وعليه ان يراعي الناحية المادية للمريض وان رفض معالجة اي مريضٍ في غير حالات الطوارئ والاسعاف لاسباب مهنية او شخصية ان لا يضر ذلك بمصلحة المريض وان يقدم المعلومات اللازمة لمواصلة العلاج. من حق المريض الحصول على التقرير الطبي الخاص بحالته مع تبيان الحالة المرضية بدقة وموضوعية والالتزام بسر المهنة الا في الحالات التي يحددها القانون وعلى الطبيب ان يتأكد من شخصية طالب التقرير وعليه ان يلتزم بالمعلومات الطبية دون قصد مغرض او مجاملة.

اهمية المريض ومكانته نابعة من كونه مريضاً وما دام في حمى مرضه لا من اجل جاه او سلطان او منزلة او قربى او منفعة وسلوك الطبيب مع هذا الانسان الضعيف دال على اخلاقه وشخصيته والتزامه مما ينعكس رحمة وسماحة وبراً وسعة صدر وطول أناه مع المريض ومع اهله وذويه وتوضيح ما يودون معرفته والاستيضاح عنه في غير اخلال بحرمة سر المهنة حتى وان كان المريض لم يشترطها.

يمكن اخفاء خطورة المرض عن المريض ولا يجوز البوح له بالترجيح المميت الا بكل حيطة وحذر ولكن يجب ان يحاط الاهل علماً في حالة اخفاء الامر عن المريض وعلى الطبيب ان يخبر المراجع الصحية عن معالجته مريضاً مصاباً بمرض يمس امن المجتمع. ومهنة الطب لا ترد قاصدها ولو لم يملك الاجر وعلى التشريعات الطبية ان تكفلها للجميع.

اما في القطاع الخاص فممارسة الطبابة رزق حلال وأجر الطبيب حق وعمله امانة ورقيبه الاكبر ربه الذي لا يسهو ولا ينام، وعلى الطبيب تقدير حاجة المريض وان يأكل بالمعروف وان يكون على المحنة لا معها وان يعطي الله جزاءً مما اعطاه بغية ان يتزكى وان يتطهر، وان يعي ان صناعته هي غوث الانسان في شدته لا استغلال ضعفه وحاجته وبذلك يصون كرامته وشرف صنعته ويترفع عن الدعاية والسمسرة او الترويج مما يخدش اسمه وسمعته.

 
المحافظة على سر المهنة

واجب الطبيب يحتم عليه صون اي معلومات وصلت اليه خلال مزاولة المهنة عن طريق السمع او البصر او الفؤاد او الاستنتاج وان يحيطها بسياج كامل من السرية والكتمان وعلى الطبيب ان يصون سر مريضه الذي ائتمنه عليه لان الاخلال يُؤدي الى كتمان المريض لبعض المعلومات التي تحدد سير العلاج عدا عن عزوف بعض المرضى عن طلب العلاج.

حفظ السر مبدأ في الطبابة اعتنقته من اقدم العصور والمريض يأتمن الطبيب على اسراره وعلى الطبيب الا يخون تلك الامانة ولا يشترط في السر ان ينبه المريض طبيبه للحفاظ عليه.

 

يجوز افشاء سر المهنة لاحد الاسباب التالية:

 

للمريض نفسه.

للوصي او الولي فيما يتعلق بسر مريضٍ قاصرٍ او غير مدرك.

لذوي المريض اذا كان لهذا الافشاء فائدة او اذا كانت حالة المريض تستدعي ذلك.

اثناء خبرة طبية قضائية او طبابة شرعية.حفاظاً على امن المجتمع الصحي.

اثناء تأدية شهادة كخبير طبي وبعد الحصول على طلبٍ خطي من قبل القضاء يسمح له بذلك.

في الحالات المحددة بالقانون.

لأغراض علمية وللبحوث الطبية دون ذكر الاسماء والصور المعرفة.

 
واجب الطبيب في السلم و الحرب

لان واجب الطبيب هو الدفاع عن الحياة وعلاج المرضى او الاصابة ولان عمله يصب في اتجاه واحد فقط هو تقديم العلاج والشفاء للصديق والعدو على النطاق الشخصي او النطاق العام ولان الاطباء اعضاء في المجتمع الطبي الدولي فعليهم ان يتكاتفوا على الصعيد العالمي في الدفاع عن الموقف الانساني النبيل لمهنة الطب، وعليهم ان يؤدوا الطبابة بالاسلوب نفسه لكافة الناس دون اخذ بعاطفة او هوى او ميل لان المريض في حمى مرضه والجريج في حمى جرحه والاسير في حمى اسره، ولا يجوز للمهنة الطبية ان تسخر امكاناتها في خدمة اي نوع من الاذى او التدمير او الحاق الضرر الجسمي او النفسي او الادبي بالانسان ومهما كانت الاعتبارات السياسية او العسكرية.

 
الطبيب في خرمة الحياة الإنسانية

لحياة الانسان حرمتها في كل المذاهب والاديان والاعراف ولا يجوز اهدارها الا في مواطن محددة شرعاً ويحرم على الطبيب ان يهدرها ولو بدافع الشفقة وحياة الانسان محترمة في كافة ادوارها بما فيها الحياة الجنينية في رحم المرأة.

الطبيب في دفاعه عن الحياة اذا تأكد لديه ان من المحال – حسب المعطيات العلمية – السلوك بالمريض الى الحياة استحالة بينة فان مما لا طائل وراءه الاغراق في المحافظة على الكيان الذاتي للمريض بوسائل الانعاش الصناعية او بحفظه مجمداً او غير ذلك من وسائل ...

وواجب الطبيب هو في اطالة الحياة لا في اطالة عملية الموت، ولان الموت حق فليس للطبيب ان يقوم بخطوة ايجابية من اماتة المريض بل عليه ان يبذل جهده في ان يجتاز المريض ما بقي له من العُمر في حسن رعاية وفي غير ألم او عذاب بما يتوفر لديه من وسائل للرعاية والعلاج، ولا تصدر عن الطبيب اشارة الى ان المريض قد مات الا بعد اليقين العلمي الممكن وفي امانة كاملة لا تشوبها شائبة وان غُم عليه استشارة واستعان بالمتاح له من وسائل العلم.

وعلى الطبيب ان يصارح المريض بعلته ان طلب المريض ذلك لكن باختيار الطريقة المناسبة، وليتلطف وليعمل على انزال السكينة في نفس مريضه وتوثيق رباطه بالله.

 
حق الطبيب على المجتمع

في كل مجتمع عناصر يدفعها الجهل او سوء الخلق او الالتذاذ بالاثارة الى تقويض صورة الطبيب في اعين الناس وهذا الامر في غاية القسوة ليس على الطبيب فقط وانما بالقدر الاكبر على المريض الذي سيحتاج حتماً في يوم من الايام الى ان يسلم امره للطبيب ليقوم بعلاجه او اجراء جراحة له، كما ان سمعة الطب في ذلك البلد تتضرر بصورة شديدة مما ينعكس على سياحته العلاجية والوضع الاقتصادي، ومن الخير للمريض والبر به ومن الخير للمجتمع ان تشيع الصورة المثالية للطبابة والقائمين عليها وعلى الصحافة ان تتحرى قبل ان تحكم وعلى السلطات ان تراقب وتحاسب وان تتخذ الاجراءات القضائية التي تحفظ للجميع حقوقهم وتحفظ للمجتمع امنه وطمأنينته.

لا يمكن ان تؤدى مهنة الطب على وجهها الصحيح الا اذا كان الطبيب في امان كامل وصفاء نفس وعدالة تمنع عنه الظلم والحيف وفي المقابل ان أُدين في سلوكه او قيامه بواجبه او اهمل في حق مريضه فلا غطاء له.

الطبيب عضو حي في المجتمع يتفاعل معه ويؤثر فيه ويهتم بأموره ويقوم بالاضافة الى دوره العلاجي بدور فاعل ومؤثر بالوقاية من الامراض مثل الامراض الجنسية والوبائية وله دور توعوي في الحث على النظافة والنهي عن بعض العادات السيئة التي تتسبب في نقل العدوى وللطبيب على المجتمع حق الثقة الوطيدة والعيش الكريم والرزق الوافي والكرامة المصونة وعليه ان يكون اهلاً لذلك وان لا يعرض نفسه للمساءلة.

 
الطبيب والعلم الحديث والبحث العلمي

لا حجر في الطب على متابعة العلم الحديث وحرية البحث العلمي بل هو مندوب ما دام غير قائم على قهر الانسان او قتله او الاضرار به او تعريضه لضرر محتمل او منع حاجته العلاجية عنه او التدليس عليه او استغلال حاجته المادية.

لا يجوز ان يشتمل العلم الحديث عند التطبيق او عند البحث على القسوة وان لا يبنى على ما حرم الله كالزنا او اختلاط الانساب او العبث بمقومات الشخصية الانسانية وأهليتها وحريتها ويجب مشاركة الهيئة الطبية بل عليها واجب في المشاركة في اصدار الفتاوي بالحل والحرمة والجواز والبطلان فيما يصل اليه التقدم العلمي في المجال الطبي ويكون العمل جهداً مشتركاً مع اهل التخصص في الفقه عاملين ضمن القاعدة الشرعية التي تقول (حيثما كان المصلحة فثم شرع الله، شريطة الا تخالف المصلحة نصوص الشريعة او روحها).

ولأن المريض الفرد في كفالة الجماعة يمكن الاستعانة من الغير ببعض مفرزاته او اعضائه استبقاء لحياته ... ولا يجوز ان يكون العطاء نتيجة ارغام او احراج او استغلال للحاجة المادية وان لا ينطوي العطاء على تعريض المعطي للخطر. ويجب وضع التنظيمات التي ترتب كل تلك الامور من مثل هبة الاعضاء اثناء الحياة او بعد الموت وعلى الطبيب ان يقتحم كل تلك المسالك وعنده من الفهم بالفقه والشريعة ما يصونه من الزلل او الخطأ.

 
التعليم الطبي المستمر

التعليم الطبي تخصص بذاته يستمر مع الطبيب طيلة حياته وهو ليس تلقيناً او املاء او سيطرة وغايته تنمية القدرة على قدح الذهن والملاحظة والاستنباط ومتابعة تطور مهنة الطب ينهل من اي مورد نافع دون تعصب او انغلاق لكن يجب حمايته وتنقيته من اي نشاط يقوم على ما حرم.

والمعلم يدرك ان عليه لطلابه واجب القدوة وواجب التعليم وواجب الهداية والرعاية داخل قاعات الدرس وخارجها وعلى طلابه حق المحبة والاحترام والتوقير والعرفان والاقتداء، وعلى المعلم في اعداد طلابه تدريبهم على تزكية الايمان والاستعانة به فيما يرفع الحالة النفسية للمريض وانزال السكينة في نفسه.

ولا بد للطبيب من معرفة على قدر ما يلزم باحكام الفقة والعبادات المتصلة بالمسائل ذات الصبغة الطبية وعليه ان يسمو بما تزخر به الحضارة العربية  والاسلامية من علو شأن في الممارسة والدعوة للبحث العلمي والتعلم من الامم الاخرى والاطلاع على مخطوطاتها وتراثها.

 
قسم الطبيب

أن أراقب الله في مهنتي …

وأن أصون حياة الإنسان في كافة أدوارها 0 في كل الظروف والأحوال باذلاً وسعي في استنقاذها من الهلاك والمرض والألم والقلق.

وأن أحفظ للناس كرامتهم ، وأستر عورتهم ، وأكتم سرهم

وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله ، باذلاً رعايتي الطبية للقريب والبعيد ، للصالح والخاطئ ،والصديق والعدو.

وأن أثابر على طلب العلم ، أسخره لنفع الإنسان .. لا لأذاه.

وأن أوقر من علمني ، وأعلم من يصغرني ، وأكون أخاً لكل زميل في المهنة الطبية متعاونين على البر والتقوى.

وأن تكون حياتي مصداق إيماني في سري وعلانيتي ، نقيةً مما يشينها تجاه الله ورسوله والمؤمنين.

 

والله على ما أقول شهيد

ملاحظة: قسم الطبيب كما ورد في الدستور الاسلامي للمهنة الطبية.

 
قسم ابقراط

أقسم بالإله الحكيم، واهب الصحة والشفاء ، على أنه على قدر استطاعتي وتقديري سأتمسك بهذا القسم وهذا الميثاق.

بأن أرى المعلم في هذه الصناعة بمنزلة آبائي وأن أقاسمه ما أمتلك حينما يكون في حاجة إلى ذلك ، وأن أرى أبنائه بمنزلة اخوتي ، وأن أعلمهم هذه الصناعة إن هم أرادوا ذلك ، بلا أجر أو مساومة وإنه بالتعليم والمحاضرة وكل وسيلة من وسائل التثقيف ، سأفضي بتلك الصناعة لأبنائي وأبناء من علموني ، ولتلامذتي ، وليس لأحد غيره ، مرتبطاً بالميثاق والقسم على إطاعة قانون الطب ، واقصد بقدر طاقتي منفعة المرضى عما يضرهم أو يسيء إليهم ، وألا أعطي دواءً قتّالا أو أشير به ، أو لبوساً مسقطاً للجنين.

وأحفظ نفسي على النزاهة والطهارة ، وأحافظ على السر الطبي، وألا أجري عمليات للمصابين بالحصى ، وأن أترك ذلك للمتمرنين فيه ، وأن أدخل البيوت لمنفعة المرضى ، متجنباً كل ما يسيء إليهم وألا أخادع أو أهتك عرضاً للنساء أو الرجال أحراراً كانوا أو عبيداً ولا أفشي ما يجب أن يبقى سراً بالنسبة لما أرى وأسمع من الناس ، سواءً ذلك ما يتصل بمهنتي أو ما يخرج عنها، وما دمت مبقياً على هذا العهد فلأستمتع بالحياة ، ولأمارس مهنتي بين الناس ، فان نكثت هذا الميثاق فليكن نقيض ذلك من نصيبي. 

 
أداء القسم القانوني في نقابة الأطباء

أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للملك والوطن وأن أؤدي أعمالي بأمانة وشرف وأن أحافظ على سر المهنة وأن أحترم القوانين والأنظمة المتعلقة بها.

 

المراجع

قانون نقابة الأطباء الأردنية رقم (13) لسنة 1972 وتعديلاته.

الدستور الطبي الأردني 1989.

النظام الداخلي لنقابة الأطباء رقم (24) لسنة 1976.

وثائق اللجان النقابية المختلفة.

الدستور الاسلامي للمهنة الطبية ربيع الاول 1401 هـ (كانون الثاني 1981)   

اقره المؤتمر العالمي الاول للطب الاسلامي بمناسبة مطلع القرن الهجري الخامس عشر

(اصداره حديثة لجمعية العلوم الطبية الاسلامية المنبثقة عن نقابة الأطباء الأردنية- عمان / الاردن محرم 1421هـ (ايار / مايو 2000م)..